د. مجدي الهلالي
العقبة الأولى : الاهتمام بالشكل فقط
العقبة الثانية : الخوف من تدبر القرآن
العقبة الثالثة : مفهوم التدبر وطبيعته
العقبة الرابعة: ضرورة ختم القرآن في مدة محددة
العقبة الخامسة : أمراض القلوب
العقبة السادسة : مفهوم الانشغال بالقرآن
العقبة الأولى : الاهتمام بالشكل فقط
والمقصد من ذلك هو قصر التعامل مع القرآن على ألفاظه وحروفه فقط.
ومن مظاهر تلك العقبة :
- الاهتمام الشديد بإتقان أحكام التلاوة والتعمق فيها، دون أن يصاحب ذلك اهتمام مماثل بالمعنى.
- ومنها: التركيز عند قراءة القرآن على الانتهاء من أكبر قدر من الآيات، وبخاصة في شهر رمضان حيث التسابق على عدد الختمات، دون أي اهتمام بالمعنى.
- ومنها الحرص على حفظ ألفاظ القرآن، وبذل الوقت والجهد في ذلك، دون معرفة معاني الآيات، وما فيها من إيمان، وما تدل عليه من عمل.
- وغير ذلك من المظاهر التي تدور حول قصر الانتفاع بالقرآن على الناحية الشكلية فقط.
ومما يعين على تجاوز هذه العقبة: معرفة الهدف والمقصد الذي من أجله نزل القرآن، ثم ليسأل كل منا نفسه بعد ذلك: هل يمكننا تحقيق هذا المقصد بمجرد تلاوة ألفاظه بحناجرنا فقط؟ فكما قال الحسن البصري رحمه الله: إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، ولم يأتوا الأمر من أوله. قال تعالى: [كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ] {ص:29}. وما تدبر آياته إلا اتباعه لعلمه. أما – والله – ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: والله قرأت القرآن كله وما أسقطت منه حرفاً.. قد والله أسقطه كله، ما رئي القرآن له في خلق ولا عمل..
إذن فاجتياز هذه العقبة يستدعي منا أن نأتي بأمر القرآن من أوله، بمعنى أن يكون همنا في التعامل معه كيفية الانتفاع به كهاد إلى الصراط، ومصنع للتغيير.
وأما إتقان تلاوته والمداومة عليها وحفظه فما هي إلا وسائل معينة على تحقيق هذا المقصد.
قال الفضيل بن عياض: إنما هذا القرآن ليعمل به فاتخذ الناس قراءته عملاً، قيل: كيف العمل به، قال : أي ليحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهيه، ويقفوا عند عجائبه.
بركة القرآن :
إن بركة القرآن تكمن فيما يحمله من معان عظيمة تنير الطريق وتشفي الصدور وتسعد العامل بها في الدنيا والآخرة. فالمعنى إذاً هو المقصود من تلاوته، وما الترتيل والتدبر إلا وسائل لتحقيق ذلك.
يقول ابن تيمية رحمه الله: ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك. ويقول أيضاً : ولا يخفى على أولي الألباب أن المقصود بنزوله اتباعه والعمل بما فيه، إذ العاملون به هم الذين جعلوا أهله، وأن المطلوب من تلاوته تدبره وفهم معانيه، ولذلك أمر الله بترتيله والترسل فيه ليتجلى أنوار البيان من مشارق تبصرته، ويتحلى بآثار الإيمان من حقائق تذكرته.
ويؤكد على هذا المعنى الأستاذ حسن الهضيبي- رحمه الله – فيقول : ليست العبرة في التلاوة بمقدار ما يقرأ المرء، وإنما العبرة بمقدار ما يستفيد، فالقرآن لم ينزل بركة على النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظه مجردة عن المعاني، بل إن بركة القرآن في العمل به، واتخاذه منهجاً في الحياة يضيء سبيل السالكين، فيجب علينا حين نقرأ القرآن أن يكون قصدنا من التلاوة نحقق المعنى المراد منها، وذلك بتدبر آياته وفهمها والعمل بها.
ختمتان للقرآن
بناء على ما سبق، يتضح لنا أنه ليس هناك أي مبرر لمن يطالب بأن تكون هناك ختمتان للقرآن.. ختمة قراءة لإنهاء الورد دون النظر للمعنى، وختمة للتدبر والتي يمكن أن تستغرق عدة سنوات. ولعل ما قيل في الصفحات السابقة، مع التركيز على معرفة الهدف الأسمى من نزول القرآن ومدى حاجتنا إليه على مستوى الأمة ومستوى الفرد.. لعل هذا كله يرد على من يطرح هذا التصور.
فأي هدف سيسعى القارىء إلى تحقيقه وهو يقرأ بدون تدبر؟ وما النفع الذي سيعود عليه من ذلك؟ وهل سيتحقق له قراءة الحناجر فقط التغيير المنشود الذي ينتظره من القرآن ؟ لو كانت القراءة لمجرد الثواب المترتب عليها فقط، لكان من الأولى أن نقوم بأعمال أكثر ثواباً من قراءة القرآن مثل ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، كُتب له ألف ألف حسنة، ومُحي عنه ألف ألف سيئة، ورُفع له ألف ألف درجة، وبُني له بيت في الجنة “.
لسنا نعني بذلك التقليل من شأن الثواب المترتب على قراءة القرآن، بل نعنى إعادة النظر في طريقة تعاملنا معه، فقيمة القرآن وبركته الحقيقية تكمن في معانيه، ولأن اللفظ وسيلة لإدراك المعنى كان التوجيه النبوي الإكثار من تلاوته، وتحفيز الناس على ذلك من خلال الثواب الكبير المترتب على قراءته.
ومثال ذلك الأب الذي يرصد مكافأة لابنه إن استمر في المذاكرة عدة ساعات، هو بالتأكيد لا يقصد مجرد جلوسه على المكتب والنظر في الكتب دون فهم ما تحتويه، بل هدفه من وراء ذلك تشجيع ابنه على المذاكرة بذهن حاضر ليتحقق له النجاح.
فإذا ما نظرنا إلى الهدف الأسمى من نزول القرآن، وربطنا بينه وبين ما رتَّب الشارع الحكيم على قراءته من ثواب عظيم، لوجدنا أن من أهداف هذا الثواب تشجيع المسلمين على دوام الاقتراب منه حتى يهتدوا بهداه، ويستشفوا بشفائه..
أما أن نقترب منه وليس لنا هدف إلا الثواب، دون الالتفات إلى المعنى المقصود من الخطاب، فمما لا شك فيه أننا بذلك التعامل الشكلي سنخسر كثيراً، ولن يحقق فينا القرآن مقصوده.
ولعل السبب من وراء مطالبة البعض بختمة للتدبر وختمة إنهاء الورد هو استشعارهم صعوبة التدبر، وعدم القدرة على تجاوز عدة آيات في لقائهم مع القرآن… فهذه عقبة أخرى سيتم تناولها بمشيئة الله في الصفحات القادمة.
دفع شبهة :
فإن قال قائل : ولكننا قرأنا أن فلاناً من السلف كان يختم القرآن في الليلة الواحدة مرة أو مرتين، وفلانا كان يختم القرآن في رمضان ستين ختمة، فلماذا لا نفعل مثلهم ؟
هذه الأخبار – لو صحت – فلا يمكن أن نستدل بها على جواز اتخاذ هذه الطريقة كوسيلة نحقق بها مقصود القرآن، قال تعالى : [أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا] {محمد:24}.
فنصوص القرآن واضحة في أهمية تدبره عند قراءته أو الاستماع إليه ليكون التدبر وسيلة للفهم والتأثر ثم العمل، يقول تعالى: [كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ] {ص:29}.
ولأن فهم المقصود الخطاب لا بد أن يلازم قراءة القرآن، كان توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص بألا يختم القرآن في أقل من ثلاث، معللاً ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم “ لا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث“.
والأمر الآخر أننا في هذه الصفحات نتحدث عن كيفية الانتفاع بالقرآن كهاد إلى الله وإلى صراطه المستقيم وكمصنع للتغيير، ومما لا شك في أن تحقيق هذه الأهداف يستلزم القراءة الهادئة المتأنيَّة المترسلة.
الوسائل والغايات:
ومما يلحق بهذه العقبة قول البعض بأن الله عز وجل عبدنا بالوسائل، ولم يطلب منا النظر للأهداف والمقاصد، فمن يقرا بألفاظه فقط، دون النظر لمقصد نزوله فسيصل إليه دون تكلف، وكذلك فإنه بمجرد الصوم والامتناع عن الطعام والشراب سيتحقق مقصود الصوم، وكذلك الصلاة وسائر العبادات. فإن كان الأمر كذلك، وأن مجرد قراءة القرآن بألفاظه فقط دون تدبر سيحقق لصاحبه الهدف الذي نزل لأجله القرآن فلماذا إذن فُضّلت سورة من سور مثل سورة الإخلاص والتي تعد قراءتها بثلث القرآن…
هل لألفاظها فقط كان التفضيل، أم بما تحمله من معانٍ عظيمة؟ وهل من قرأها بلسانه فقط سيحقق المقصد من تفضيلها؟ ولو كان الأمر كذلك لاستوى المصلون في درجاتهم عند الله طالما حققوا شروط وواجبات الصلاة بأجسامهم دون قلوبهم.
ألم يقل صلى الله عليه وسلم ( إن الرجل لينصرف، وما كتب له عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها)
وكذلك الدعاء.. فما قيمة رفع اليدين بالدعاء والقلب غافل لاه؟ يقول صلى الله عليه وسلم ” واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء قلب غافل لاه “
ويذكرنا القرآن بأهمية تحصيل التقوى في الحج كمقصد أساسي له. يقول تعالى : [لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ] {الحج:37}. وغير ذلك من الأدلة التي تحثنا على تحري الخشوع والتقوى وحضور القلب مع العبادات وإلا ضاع جهد صاحبها، قال: صلى الله عليه وسلم :” رب قائم حظه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش“.
ومع هذا كله فخير دليل على عدم صحة هذا القول هو الواقع، فنحن نقرأ القرآن منذ سنوات وسنوات وختمناه مرات ومرات، وكان كل همنا الانتهاء من الورد أو السورة دون الالتفات إلى المعنى.. فماذا غير القرآن فينا؟
ويؤكد على هذا المعنى ابن القيم فيقول: ولا ريب أنَّ مجرد القيام بأعمال الجوارح من غير حضور ولا مراقبة لله، قليل المنفعة، دنيا وأخرى.. فإنه – وإن كثر- متعب غير مفيد.
فهكذا العمل الخارجي القشوري بمنزلة النخالة كثيرة المنظر قليلة الفائدة، فإن الله لا يكتب للعبد من صلاته إلا ما عقل منها. ويقول : فإن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها. وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب. فتكون صورة العملين واحدة. وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض. والرجلان يكون مقامهما في الصف واحداً وبين صلاتهما كما بين السماء والأرض.
العقبة الثانية : الخوف من تدبر القرآن
ثانية العقبات التي ينبغي أن نجتازها بسلام ( الخوف من تدبر القرآن) فمبدأ الدخول إلى عالم القرآن بتدبره وتفهمه، والعمل بمقتضاه، يشكل عقبة عند البعض، ومبعث خوف هؤلاء إما لاستشعارهم عدم أهليتهم لذلك، أو خوفهم من الوقوع تحت طائلة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ” ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار“.
أما شعور البعض بعدم أهليته لتدبر القرآن فهذا من تلبيسات الشيطان ليصرفنا عن مصدر السعادة والهدى، فالقرآن لا يخاطب فئة من الناس، بل هو للرجل والمرأة، والعالم والأمي، والعربي والأعجمي.. إنه خطاب للعامة والخاصة. قال تعالى : [تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا] {الفرقان:1} الفرقان1. ولو كان هذا الكتاب لا يخاطب إلا العلماء، ما طالبنا الله عز وجل بتدبره. يقول القرطبي في قوله تعالى : [أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا] {محمد:24} ، على وجوب التدبر في القرآن ليعرف معناه. فكان في هذا رد على فساد قول من قال : لا يؤخذ من تفسير إلا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويؤكد على ذلك المعنى ابن هبيرة فيقول: ومن مكايد الشيطان تنفير عباد الله عن تدبر القرآن، لعلمه أن الهدى واقع عند التدبر، فيقول : هذه مخاطرة، حتى يقول الإنسان: أنا لا أتكلم في القرآن تورعاً.
انتبه:
ويطلق ابن القيم تحذيراً شديداً يساعدنا على اجتياز تلك العقبة فيقول : ومن قال: إن له تأويلاً لا نفهمه ولا نعلمه، وإنما نتلوه متعبدين بألفاظه، ففي قلبه منه حرج….
نعم قد تضيق المعاني وتتسع حسب معارف الشخص ومستوى إدراكه، فالقرآن حمال أوجه- كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه- ولكن تبقى النقطة الجوهرية ألا وهي مقدار تأثر القلب بما يدركه العقل.. فقد يفهم عالم من العلماء مفاهيم كثيرة ويدرك بعقله معاني عميقة حول آية من الآيات، ولكنها تظل حبيسة عقله، فلا ينتفع بها قلبه.
وفي المقابل قد يفهم رجل عادي، ذو ثقافة محدودة آية من الآيات بفهم بسيط، ومع ذلك فإن هذه الآية بهذا الفهم قد تؤثر في قلبه، وتهز وجدانه.. فالعبرة بما يحدثه القرآن في القلب كما قال تعالى: [اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ] {الزُّمر:23}. وتفاضل الناس عند ربهم ليس بكم المعارف التي في عقولهم، ولكن بمقدار التقوى التي في قلوبهم، كما قال تعالى : [إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ] {الحجرات:13}.
تأمل معي ما حدث لهذا الإعرابي عندما كان في مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام فاستمع منه قوله تعالى : [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ] {الزَّلزلة:8} ، فقال يا رسول الله، أمثقال ذرة؟ قال : “نعم” فقال الأعرابي: واسوأتاه ثم قام وهو يقولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لقد دخل قلب الإعرابي الإيمان”
معنى التحذير من القول في القرآن:
أما بالنسبة لخوف البعض من أن يقول في القرآن برأيه فيقع فيما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث فيرد عليه د. يوسف القرضاوي بقوله: والجواب عن الحديث – إن صح – أنه محمول على وجهين :
1- أن يراد بالرأي الهوى فهو يجر القرآن جراً لتأييد ما يهواه وما يميل إليه، فلا يجوز ولا يليق ولا يقبل أن يكون القرآن تابعاً لمذهب في الفقه، أو نحلة في الكلام، أو مقولة في الفلسفة أو شطحة في الصوفية.
2- أن يكون معنى الحديث : أن يهجم على تفسير القرآن دون أن يتأهل له بما يلزم من أدوات التفسير وشروط المفسر
وبديهي أن المتدبر، المتفكر في القرآن يختلف عن المفسر، فالمتدبر يبحث عن الهداية والشفاء في القرآن، لذلك فالمعنى هو مقصوده، أما المفسر فيقف عند كل كلمة ليشرح معناها ويستخرج وجوه الإعجاز والبيان فيها، وقد يستخرج منها أحكاماً شرعية، وهذا مما لا شك فيه وظيفة العلماء المتخصصين والمؤهلين لهذا العلم.
التلقي المباشر من القرآن :
إذن فلا خطورة من التلقي المباشر من القرآن بعد أخذ هذه الضوابط في الاعتبار، والتأكد بأننا لا نأخذ من القرآن أحكاماً شرعية بطريقة مباشرة نلزم بها أنفسنا أو الآخرين، بل علينا الرجوع إلى كتب التفسير والفقه إذا ما أردنا معرفة تلك الأحكام. ( فتفسير مراد الله واستنباط الأحكام الشرعية هما منزلة خاصة بالعلماء والمفسرين، أما الفهم والاعتبار والتذكر والاتعاظ فلا عذر لأحد في تركه ).
ويجتهد الصنعاني – رحمه الله – في بيان حجج يرد بها على من سلك هذا المسلك، وملخص ما قال: إن الله – سبحانه – كمّل عقول العباد ورزقهم فهم كلامه، ثم إن فهم كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية عند قرعها الأسماع لا يحتاج معناها إلى علم النحو، ولا إلى علم الأصول، بل في الأفهام والطباع والعقول ما يجعلها تسارع إلى معرفة المراد، فإن من قرع سمعه قوله تعالى: [وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ] {البقرة:110} ، يفهم معناه من دون أن يعرف أن (ما) أداة شرط و(تقدموا) مجزوم بها لأنه شرطها (وتجدونه) مجزوم بها لأنه جزاؤها، ومثلها كثير.
ثم إنك ترى العامة يستفتون العالم ويفهمون كلامه وجوابه وهو كلام غير معرب في الأغلب، بل تراهم يسمعون القرآن فيفهمون معناه ويبكون لقوارعه، ولا يعرفون إعراباً ولا غيره، بل ربما كان موقع ما يسمعونه في قلوبهم أعظم من موقعه في قلوب من حقق قواعد الاجتهاد، وبلغ الذكاء والانتقاد. ثم إن هؤلاء العامة يحضرون الخطب في الجمع والأعياد ويذوقون الوعظ ويفهمونه قلوب من حقق قواعد الاجتهاد وبلغ الذكاء والانتقاد. ويفتت منهم الأكباد، وتدمع منهم العيون، فيكثر نهم البكاء والنحيب. ثم إنك تراهم يقرؤون كتباً مؤلفة من الفروع الفقهية ويفهمون ما فيها، ويعرفون معناها، ويعتمدون عليها ويرجعون في الفتوى والخصومات إليها. فيا ليت شعري، ما الذي خص الكتاب والسنة بالمنع عن معرفة معانيها، وفهم تراكيبهما ومبانيها والإعراض عن استخراج ما فيها، حتى جعلت معانيهما كالمقصورات في الخيام، وقد ضربت دونها السجوف، ولم يبق لها إليهما إلا ترديد ألفاظهما والحروف، وأن استنباط معانيها قد صار حجراً محجوراً وحرماً محرماً محصوراً.
ماذا قال صاحب الظلال ؟
ولأهمية التعامل المباشر مع القرآن يقول الأستاذ سيد قطب في مقدمته لتفسير سورة الرعد: وإنني لأهيب بقراء هذه الظلال، ألا تكون هي هدفهم من الكتاب إنما يقرؤونها ليدنوا من القرآن ذاته. ثم ليتناولوه عند ذلك في حقيقته، ويطرحوا عنهم هذه الظلال.
وعندما سئل الإمام الشهيد حسن البنا عن أفضل التفاسير للقرآن قال : (قلبك) فقلب المؤمن لا شك أفضل التفاسير لكتاب الله تبارك وتعالى. وليس معنى هذه هو ترك هذه التراث الضخم من التفاسير العظيمة التي تركها علماء الأمة على مر العصور، فالتفسير بلا شك يعين على زيادة التفهم، وإزالة الإشكاليات أمام العقل، ومعرفة الحكم الشرعي المستنبط من الآيات… ومع أهمية الرجوع إلى التفسير لمعرفة هذه الأمور وغيرها، إلا أنه ليس شرطاً للانتفاع الحقيقي بالقرآن كمنهج حياة يعظ صاحبه، ويذكره بما ينبغي أن يتذكره، ويزيد إيمانه ويعينه على مواجهة متغيرات الحياة… وهذا هو أهم دور للقرآن.
العقبة الثالثة : مفهوم التدبر وطبيعته
البعض يتصور أن معنى التدبر: إعمال العقل في كل كلمة من كلماته، والتدقيق الشديد فيها، والغوص في معانيها.. هذا التصور يجعل من التدبر عملية شاقة لا يستطيع أحد أن يستمر عليها، وفي الوقت ذاته فإنها لا تحقق مقصوده، فتدبر القرآن وسيلة لدوام التذكر بما هو مطلوب منا، ومن خلاله تتضح الرؤية لطريق الهدى، وبه يتعظ القلب فيزداد إيماناً ويقوى.
قال تعالى : [وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا] {طه:113}.
فليس المقصد من تدبر القرآن إظهار أنواع الإعجاز البياني واللغوي، وإمتاع العقل بما فيه من أدب وتاريخ وقصص- وإن كان كل هذا من محتوياته- بل المقصد الأساسي هو المعنى الذي يخرج به قارئه مما يجعله في حالة من دوام التذكر، كما قال تعالى : [كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ] {ص:29}.
ويضع الشيخ عبد الرحمن السعدي القاعدة لقارىء القرآن فيقول : ” وأن يجعل المعنى هو المقصود واللفظ وسيلة له “.
ولو تفهمنا هذه القاعدة لأصبح التدبر سهلاً ميسراً لمن جعله وسيلة للبحث عن الهدى والشفاء.. فلن يقف القارىء عند كل كلمة يقرؤها بل سيتفكر في المعنى الإجمالي للآية وارتباطها بجوانب الهداية، وأما ما أشكل عليه فهمه فليتركه لعالمه سبحانه وتعالى، وغالباً ما سيجد ما يوضحه في موضع آخر بالقرآن، وحسبنا في ذلك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم “ إن القرآن لم ينزل يكذّب بعضه بعضاً، بل يصدق بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتهم فردوه إلى عالمه “.
قال عبد الله بن مسعود : إن للقرآن مناراً كمنار الطريق، فما عرفتم منه فتمسكوا به، وما يشبه عليكم – أو قال شبّه عليكم – فكلوه إلى عالمه. ويقول الحسن البصري في قوله تعالى : ( يتلونه حق تلاوته ) البقرة 121، قال : يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه، ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه.
طبيعة التدبر:
حينما كنا نسمع أو نقرأ عن أهمية تدبر القرآن والعمل بما فيه، كانت الرغبة تجتاح النفس والشوق يملؤها لذلك، ولكن ما إن نبدأ في التطبيق إلا ونقف عاجزين أمام الآيات فلا نكاد نستخرج منها شيئاً، تماماً كمن يقال له : انظر إلى الشمس وقت الغروب وتفكر فيها.. هو يتمنى أن يخرج بشيء من خلال رؤيته لهذا المنظر الجميل، ولكنه يقف جامداً أمامه لأنه لم يتعلم كيف يتفكر، وعم يبحث.
ونفس الأمر إذا ما طلب من شخص ما إبداء رأيه في سيارة أو بناية أو ميزانية شركة وهو بعيد عن هذه المجالات فرأيه إن أبداه لن يفيد أحداً طالما أنه لا يعرف أين سيحرك عينيه، وعم سيبحث، وهذا هو ما يحدث معنا، فعندما يطلب منا التدبر واستخراج خواطر من الآيات، تجد الواحد منا يتأمل فيها ويشعر أنها تحتوي على معان عظيمة لكنه لا يخرج منها بشيء يذكر لأنه لم يتعلم كيف يتدبر.
نعم قد يتأثر الوجدان بالقراءة والسماع في بعض الأوقات ولكن هذا التأثر غالباً ما يكون مع آيات الوعيد التي من شأنها مخاطبة الوجدان واستثارة المشاعر، وهذا وحده لا يكفي.
فلنبحث عن الهدى :
القرآن مليء بأنواع كثيرة من العلوم وأوجه الإعجاز. فمن قرأه وهو يبحث عن البلاغة وجدها، ومن قرأه وهو يبحث عن القصة عثر عليها، ومن قرأه وهو يبحث عن الإعجاز العلمي ظفر به، ومن قرأه وهو يبحث عن الهداية وجدها، ومن قرأ القرآن وهو لا يبحث عن شيء لن تراه غالباً وقد استوقفه شيء منه، ألم يقل سبحانه وتعالى عن قصة يوسف [لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ] {يوسف:7} يوسف 7. فالسائلون المهتمون بالموضوع هم الذين سينتفعون بما في القصة من آيات وعبر.
ومن هنا نقول إن من تبين بوضوح الهدف الأساسي من نزول القرآن ستسهل عليه قراءة القرآن وتدبره، وسيخرج بالكثير من جوانب الهداية، أما من لم يتضح له هذا الهدف ولم يستشعر عظيم حاجته إليه فسيصعب عليه التدبر، ولن يستطيع المداومة عليه لعدم وجود قضية تشغله يعلم أن في القرآن حلها، وحسبنا في ذلك قول ابن تيمية : من تدبر القرآن طالباً الهدى منه تبين له الحق.
العقبة الرابعة: ضرورة ختم القرآن في مدة محددة
البعض منا يظن أن من الواجب عليه ختم القرآن في شهر مثلاً، وأنه لو تأخر عن ذلك فقد يقع في الإثم أو الحرج. … نعم ينبغي علينا أن ننشغل بالقرآن وألا يمر علينا يوم دون القراءة في المصحف ولكن ليس معنى هذا أن من الواجب ختم القرآن في مدة محددة، فالصحابة مع شدة اعتنائهم بالقرآن وانشغالهم به إلا أنهم كانوا يتفاوتون في مدة ختمه. أخرج ابن داود عن مكحول قال: كان أقوياء أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤون القرآن في سبع وبعضهم في شهر وبعضهم في شهرين وبعضهم في أكثر من ذلك. وليس معنى هذا أننا سنمكث فترات طويلة لنختم القرآن بل العكس هو المطلوب فعلى قدر انشغالنا بالقرآن والإكثار من تلاوته وتدبره سيكون النفع المتحقق بمشيئة الله وعلى قدر ما نعطي للقرآن من أوقاتنا وعقولنا وقلوبنا يعطينا من خيره ونوره.
وعندما نعطي القرآن المساحة الزمنية الكبيرة من يومنا سنتمكن – بعون الله – أن نختمه في أقل من شهر، ولكن دون أن يكون هناك سيف مسلط على رقابنا يدعونا للمسارعة في القرآن كي لا نتجاوز المدة التي حددناها في أذهاننا. هب أنك في يوم من الأيام استوقفتك آية وأنت تقرأ القرآن، فهزت مشاعرك وذقت معها حلاوة الإيمان كلما رددتها، هل تترك هذه اللحظات السعيدة – لحظات الإيمان – خوفاً من عدم إنهاء وردك المحدد؟
فإن قال قائل: ولكن وجود حد أقصى لمدة الختم في ذهني يشحذ همتي لمداومة القراءة.
إن كان الأمر كذلك فلا بأس منه شريطة ألا يخل بمقصود القراءة، وألا يكون كذلك على حساب ترديد الآيات والتجاوب معها، والأفضل أن نجعل هذا الأمر من باب الاستئناس وليس من باب الإلزام.
العقبة الخامسة : أمراض القلوب
يظن البعض أن علاج القلب من أمراضه لا بد أن يسبق العودة إلى القرآن فالقلب المريض لا يمكنه الانتفاع الحقيقي بالقرآن – كما يقولون – ويرفع هؤلاء شعار ” التخلية قبل التحلية ” فإن كان الأمر كذلك فما هو إذن دور القرآن؟
ألم يصفه الله عز وجل بأنه شفاء لما في الصدور. قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ] {يونس:57}.
فالقرآن نعم الدواء لأمراض القلوب، فقوة نوره تخترق الظلمات فتبددها وتحرق ما يقابلها من شهوات وشبهات، كما قال تعالى [بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ] {الأنبياء:18} الأنبياء 18.
نعم في البداية سيجد نور القرآن بعض الصعوبة في الدخول إلى القلب بسبب حجب الظلمات التي تراكمت عليه من آثار المعاصي والغفلات، ولكن هذه الحجب لن تستطيع أن تقاوم طويلاً دخول أشعة نور القرآن إلى القلب إذا ما داوم على قراءته بتدبر، وكلما دخل النور إلى جزء من أجزاء القلب انطرد منه الهوى، وعادت إليه الحياة مرة أخرى، إلى أن يأتي الوقت الذي يعود القلب إلى كامل صحته. قال تعالى: [أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ] {الرعد:17}. وفي المقابل فإن من يتبنى طريقة التخلية قبل التحلية فسيظل يراوح في مكانه، ولن يصل إلى مبتغاه من تطهير قلبه أولاً من أمراضه، لأنه كلما فتش في نفسه سيجد آفات وعيوباً، وكلما تخلص من واحد ظهر آخر، ولن يستطيع أن يدعي في يوم من الأيام أنه تخلص منها جميعاً.
العقبة السادسة : مفهوم الانشغال بالقرآن
إن الانشغال الحقيقي بالقرآن يعني أول ما يعني الانشغال بمعانيه ومواعظه، وجوانب هدايته، وامتلاء القلب بها وتمكنها من العقل الباطن واللاشعور، فينعكس ذلك على خواطر العبد واهتماماته.
والانشغال بالقرآن يعني كذلك الانشغال بحمل معانيه إلى الناس، ودعوتهم إلى الجلوس المباشر معه، وإزالة الحاجز النفسي بينهم وبينه.
ومن أهم صور الانشغال بالقرآن تعريف الناس بربهم عن طريقه، وذلك من خلال ربط آيات القرآن بآيات الكون، والاستدلال منها على الخالق العظيم، ذي الجلال والإكرام.
قال تعالى : [سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ] {فصِّلت:53}.
ومن صور الانشغال بالقرآن كذلك: السعي الدؤوب على تحويله إلى واقع ملموس في حياة الناس ليصبح دستور الأمة، فتسود أخلاقه جوانب المجتمع، وهذا لن يتم إلا بوجود جيل قرآني يدعو إلى الله بأفعاله قبل أقواله.
ومع هذا كله يأتي كذلك الانشغال بدوام تلاوته بالليل والنهار، وحفظ آياته ولكن بمثل الطريقة التي كان يحفظ بها الصحابة فيتعلم الإيمان وجوانب الهداية من الآيات قبل حفظها.
إن أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته هم أولئك الذي فهموا مراد الله من إنزاله القرآن فانكبوا عليه وعملوا به، ودعوا الخلق إليه، ولعل هذا هو ما كان يقصده الحسن البصري بقوله: إن أولى الناس بهذا القرآن من اتبعه وإن لم يكن يقرؤه.
ومن لوازم تصحيح هذا المفهوم عدم حصر معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) على تعلم وتعليم أحكام التجويد فقط، فكما قال ابن تيمية : دخل في قوله صلى الله عليه وسلم” خيركم من تعلم القرآن وعلمه ” تعليم حروفه ومعانيه جميعاً، بل تعلم معانيه هو المقصد الأول من تعلم حروفه وذلك الذي يزيد الإيمان، كما قال جندب بن عبد الله وعبد الله بن عمر وغيرهما : تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيماناً، وأنتم تعلمتم القرآن ثم تتعلمون الإيمان.. ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة.