تدبر القرآن.. طريق الخشوع.

أ.د. راغب السرجاني

ملخص المقال

القرآن له مذاق خاصٌّ، وفيه أسرار عظيمة، وبقدر تدبُّر المؤمن فيه يفتح الله له أبواب الهداية، لذلك فهو طريق مباشر للخشوع في الصلاة، كيف ذلك؟.

إن التدبُّر في القرآن نقلة نوعية في حياة المؤمن.. فهو يُثبت أن هذا الكتاب من عند إله حكيم قدير، وليس للبشر أن يُبدعوا مثله أبدًا، وهذا يُطَمْئِن المؤمنَ في عبوديته لله عز وجل، ويُثَبِّت المتشكك، ويُزيل الشبهة، ويُقَوِّي العقيدة، وهذا له انعكاسه الواضح على حياة الإنسان كلها؛ وليس على الصلاة فقط؛ لذلك يقول تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: 82]، فصار القرآن -بعد أن تدبَّرْنَاه- دليلًا على الخالق سبحانه.

والتدبُّر في القرآن كذلك طريق هداية؛ فالقرآن له مذاق خاصٌّ، وفيه أسرار عظيمة، وبقدر تدبُّر المؤمن فيه يفتح الله له أبواب الهداية، والذي لا يتدبَّر القرآن يُخشَى عليه أن يضل ويزيغ، ومن هنا نفهم قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: 24].

والتدبُّر في القرآن يفتح آفاقًا مباركة هائلة من المعرفة، فقد ملأه ربُّ العالمين بكنوز العلم بشتَّى فروعه، والذي يتعلَّم في نور القرآن يصل إلى ما لا يقدر غيره على الوصول إليه؛ لذلك يقول تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص: 29].. فتدبُّر الآيات يفتح للعبد بركات لا نهاية لها؛ لهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ، فَلْيَقْرَأ الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ»[1].

ومن أجل كلِّ ذلك وأكثر فإنه يلزم المُصَلِّي أن ينتبه إلى كل كلمة يقرؤها أو يسمعها من كتاب الله، ثم يُحسِن التدبُّر فيها، والالتفات إلى معانيها، ويبحث عن الواجبات المترتِّبَة على فهمه للآية، والتغييرات التي يمكن أن تَحْدُثَ في حياته بعد وصول رسالة الله عز وجل إليه.

وفي هذا الفصل نتناول بعض الأمور التي لو حرصنا عليها زادت فرصة تدبُّرنا في الآيات؛ سواء في سورة الفاتحة، أو في السورة التي تليها، وسواء في الصلوات السِّرِّيَّة أو الجهرية، وسواء في الفرض أو النافلة؛ بل إنها في معظمها تُفيد في تدبُّر القرآن في الصلاة وفي خارجها؛ ولكن قبل الحديث عنها أودُّ لفت النظر إلى أن ما سنذكره هنا هو استكمال لما ذكرناه في صفحات الكتاب من وسائل، وليس بديلًا عنها؛ ومن ثَمَّ فقراءة بعض الفصول المتقدمة في الكتاب أمر حتمي لنصل إلى الدرجة المطلوبة في الخشوع عند سماع القرآن.
وهذه الأمور على النحو التالي:

أولاً:
قَطِّع القراءة آيةً آية؛
فقد روت أم سلمة رضي الله عنها أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قِرَاءَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: «كَانَ يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ»[2].. وفي رواية أخرى أوضح تقول: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ يَقُولُ: الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. ثُمَّ يَقِفُ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ثُمَّ يَقِفُ..»[3].. فتقطيع القراءة يُحَقِّق فائدتين عظيمتين؛ أمَّا الأولى فهي اتباع السُّنَّة، وأمَّا الثانية فهي التدبُّر الذي يقود إلى الخشوع.

ثانيًا:
اقرأ القرآن محافظًا على أحكام الترتيل..
فالقراءة المرتَّلة تُحْدِث أثرًا أعمق في النفس، وتلفت نظرك دومًا أنك تقرأ كلام الله؛ لأنه الكلام الوحيد الذي يُقرأ بهذه الطريقة، إضافة إلى أنه أمر إلهي مباشر حيث قال الله تعالى:
{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}[المزمل: 4]. واحرص أن يكون ذلك في كل صلواتك حتى السرِّيَّة منها.. وبدهي أن المسلم الحريص على الخشوع لا بُدَّ أن يتعلم قواعد الترتيل، وكثير من العلماء أوجبوا تعلُّم قواعد الترتيل، بمعنى أن الذي يقرأ القرآن بغيرها يأثم[4]؛ فالقرآن كلام الله، وهو سبحانه وتعالى يحبُّ أن يُقْرَأ بطريقة معيَّنة، وقد قرأ جبريل عليه السلام القرآن بهذه الطريقة الفريدة على رسولنا صلى الله عليه وسلم، وقرأ الرسولُ صلى الله عليه وسلم القرآنَ بالطريقة نفسها على الصحابة، وتناقل الصحابة والتابعون ومَنْ جاء من بعدهم الطريقة نفسها حتى وصل إلينا محفوظًا برعاية الله.. ومع أن هناك كتبًا كثيرة تشرح كيفية القراءة بقواعد الترتيل؛ فإن التعلُّم الصحيح يستلزم الجلوس بين يدي قارئ مُجيد يُتقن أحكام القراءة، ويكاد يكون من المستحيل أن تُتقن هذا الأمر دون سماع ومتابعة وتصحيح؛ لذلك فأنا أدعو كل المسلمين إلى تفريغ وقت وجهد لتعلُّم القراءة الصحيحة للقرآن، وتعليمها للأهل والأولاد والجيران والمعارف، وأرى أنه لا عذر لمسلم في أن يُفَرِّغ وقتًا لهذا الأمر، فإن معظمنا -إن لم يكن كلنا- قد فَرَّغ من وقته الكثير لتعلُّم أمور الدنيا؛ مثل تعلُّم بعض المهارات أو اللغات أو الهوايات أو أحيانًا الألعاب! فليس هناك مبرِّر منطقي للادعاء أننا لا نجد الوقت الكافي لهذا التعلم؛ خاصة أن هذا التعلُّم لا يأخذ وقتًا طويلًا؛ إنما يحتاج بضعة أيام أو أسابيع على الأكثر، وهو أمر سهل وميسور، وقد قال الله عز وجل في كتابه: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر: 17]، بالإضافة إلى توفُّر المتقنين للقراءة السليمة؛ سواء من العلماء والقرَّاء المتخصِّصين، أو من الأصدقاء والمعارف، وينبغي أن نعرف أن تعلُّم قواعد الترتيل من أفضل القربات إلى الله، ويكفي أن نُشير إلى وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه العملية التعليمية المتميزة؛ حيث قال –فيما رواه عَنْهُ عثمان بن عفان رضي الله عنه-: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»[5].

ثالثًا:
اجتهد أن تُحَسِّن الصوت، فهذا يدفع إلى الخشوع..
وهذا أمر مباشر من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ»[6]. بل إن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ»[7].
ولقد خشي بعضهم من هذا الترهيب؛ فسألوا ابن أَبِي مُليكة[8]: يا أبا محمد؛ أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: يُحَسِّنُهُ ما استطاع[9]. فالقضية إذن ليست قضية تجميل للقراءة فقط؛ إنما هي قضية اتباع وخشوع وهداية وانتماء إلى المسلمين؛
ولقد روى أَبُو بردة -وهو عامر بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها مَرَّا بِأَبِي مُوسَى رضي الله عنه وَهُوَ يُقْرَأُ فِي بَيْتِهِ، فَقَامَا يَسْتَمِعَانِ لِقِرَاءَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُمَا مَضَيَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ لَقِيَ أَبَا مُوسَى رضي الله عنه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
«يَا أَبَا مُوسَى مَرَرْتُ بِكَ الْبَارِحَةَ وَمَعِي عَائِشَةُ، وَأَنْتَ تَقْرَأُ فِي بَيْتِكَ، فَقُمْنَا فَاسْتَمَعْنَا». فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: أَمَا إِنِّي يَا رَسُولَ اللهِ, لَوْ عَلِمْتُ لَحَبَّرْتُ لَكَ تَحْبِيرًا [10]، وفي روايةٍ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قَالَ له:
«يَا أَبَا مُوسَى؛ لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»[11].

فالقراءة الحسنة تلفت الأنظار، وتستلزم التركيز، وتدعو إلى الخشوع،
وتكرر مثل هذا الموقف من رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابة آخرين للدلالة على أهمية تحسين الصوت عند القراءة، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: أَبْطَأْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ جِئْتُ، فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتِ؟» قُلْتُ: كُنْتُ أَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِكَ لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ وَصَوْتِهِ مِنْ أَحَدٍ! قَالَتْ: فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى اسْتَمَعَ لَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: «هَذَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَ هَذَا»[12].
فانظر إلى اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالقيام لسماع صوت جميل يتلو القرآن، وانظر إلى كلمته الخالدة في حقِّ هذا القارئ الخاشع!

رابعًا:
لو كنت تقرأ بمفردك فينبغي أن تُسمِع نفسك دون أن تجهر جدًّا بالقراءة؛
فسماع الصوت يُساعد على الخشوع، ويُقلل من السرحان؛ ولذلك يقول الله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110].

ولقد سَأل عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ رحمه الله عَائِشَةَ لـ: «كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ، أَكَانَ يُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ أَمْ يَجْهَرُ؟ فَقَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ، وَرُبَّمَا جَهَرَ. فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً»[13].
وما أروع ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضبط مستوى الصوت عند الصحابة! فقد روى أبو قتادة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ وَأَنْتَ تَخْفِضُ مِنْ صَوْتِكَ». فَقَالَ: إِنِّي أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ. قَالَ: «ارْفَعْ قَلِيلًا». وَقَالَ لِعُمَرَ: «مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ وَأَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ». قَالَ: إِنِّي أُوقِظُ الْوَسْنَانَ وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ. قَالَ: «اخْفِضْ قَلِيلًا»[14]. وصدق الله إذ يقول في حقِّ هذه الأُمَّة: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة: 143]..

خامسًا:
تنويع السور..
فينبغي للمصلي ألا يحرم نفسه من متعة التجوُّل بين سور القرآن الكريم المتعدِّدَة، وآياته الكثيرة.. فبعض المُصَلِّين لا يكاد يقرأ في كل صلواته إلا عددًا محدودًا جدًّا من قصار السور، أو من مجموعات الآيات المحفوظة، ولا يَخفَى على أحد أن هذا قد يقود إلى رتابةٍ تُذْهِب الخشوع؛ لهذا فالأَوْلى أن تتجوَّل بين ما تحفظ من آيات حتى تشعر بجديد في كل صلاة..
ونصيحتي للمُصَلِّين أن يُحَدِّدوا السور التي سيقرءونها في الصلاة قبل أن ينطقوا بتكبيرة الإحرام؛ لأن الإنسان في الصلاة يبدأ في قراءة السورة بعد الفاتحة بشكل عفوي لا يُتيح له كثيرًا فرصة الاختيار؛ ومن ثَمَّ فهو يقرأ فقط ما اعتاد أن يقرأه..
ونصيحة أخرى للمُصَلِّي أن يُكثر من حفظ القرآن، ولو أن يحفظ كل يوم آيتين أو ثلاثًا، فهذا سيُعطيه حصيلة تُساعده على تنويع القراءة، ويُفَضَّل أن نُصَلِّي بما حفظناه حديثًا لتثبيت الحفظ؛ خاصة أن هذا سيستلزم تركيزًا في القراءة، وأنصح مَنْ لا يجد في نفسه القدرة على الحفظ أن يُراجع كتابي «كيف تحفظ القرآن الكريم»، ففيه فوائد جمَّة، ووسائل عملية، يمكن أن تجعل الأمر ميسورًا بإذن الله.
واذكروا دومًا قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -فيما رواه عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما-: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا»[15].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] مصنف بن أبي شيبة، (30018)، والطبراني: المعجم الكبير (8685)، والبيهقي: شعب الإيمان (1808)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح. انظر: الهيثمي: مجمع الزوائد 7/165، وصححه أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي، انظر: سلسلة الآثار الصحيحة أو الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين، 1/151 (143).

[2] أبو داود: كتاب الحروف والقراءات، (4001)، وأحمد، (26625)، واللفظ له، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح لغيره وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين. والحاكم (2909)، والدار قطني (1191)، وقال: إسناده صحيح, وكلهم ثقات. وصححه الألباني، انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل 2/60.

[3] الترمذي: كتاب القراءة عن رسول الله ﷺ، باب في فاتحة الكتاب، (2927)، والحاكم (2910) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي، وصححه الألباني، انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل 2/60.

[4] لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الاشْتِغَال بِعِلْمِ التَّجْوِيدِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، أَمَّا الْعَمَل بِهِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْقِرَاءَاتِ وَالتَّجْوِيدِ إِلَى أَنَّ الأَخْذَ بِجَمِيعِ أُصُول التَّجْوِيدِ وَاجِبٌ يَأْثَمُ تَارِكُهُ، قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْجَزَرِيِّ فِي النَّشْرِ نَقْلاً عَنِ الإِمَامِ نَصْرٍ الشِّيرَازِيِّ: حُسْنُ الأَدَاءِ فَرْضٌ فِي الْقِرَاءَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْقَارِئِ أَنْ يَتْلُوَ الْقُرْآنَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ. وَذَهَبَ الْمُتَأَخِّرُونَ إِلَى التَّفْصِيل بَيْنَ مَا هُوَ (وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ) مِنْ مَسَائِل التَّجْوِيدِ، وَهُوَ مَا يُؤَدِّي تَرْكُهُ إِلَى تَغْيِيرِ الْمَبْنَى أَوْ فَسَادِ الْمَعْنَى، وَبَيْنَ مَا هُوَ (وَاجِبٌ صِنَاعِيٌّ) أَيْ أَوْجَبَهُ أَهْل ذَلِكَ الْعِلْمِ لِتَمَامِ إِتْقَانِ الْقِرَاءَةِ، قَال الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْقَارِيُّ بَعْدَ بَيَانِهِ أَنَّ مَخَارِجَ الْحُرُوفِ وَصِفَاتِهَا، وَمُتَعَلِّقَاتِهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: فَيَنْبَغِي أَنْ تُرَاعَى جَمِيعُ قَوَاعِدِهِمْ وُجُوبًا فِيمَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَبْنَى وَيَفْسُدُ الْمَعْنَى، وَاسْتِحْبَابًا فِيمَا يَحْسُنُ بِهِ اللَّفْظُ وَيُسْتَحْسَنُ بِهِ النُّطْقُ حَال الأَدَاءِ. الموسوعة الفقهية الكويتية 10/178، 179، وانظر: الجزري: منظومة المقدمة فيما يجب على القارئ أن يعلمه (الجزرية) ص11، والقاري: شرح المقدمة الجزرية ص19، والنويري: شرح طيبة النشر 1/249، 250، وانظر: الماوردي: الحاوي الكبير 17/198.

[5] البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، (4739) واللفظ له، وأبو داود (1452)، والترمذي (2907)، والنسائي (8037)، وابن ماجه (212)، وأحمد (412).

[6] أبو داود: كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، (1468)، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، والنسائي (1088)، وابن ماجه (1342)، وأحمد (18517)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح. والدارمي (3500) وقال حسين سليم أسد: إسناده صحيح. وصححه الألباني، انظر: صحيح أبي داود 5/208 (1320).

[7] رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الملك: 13]، (7089)، وأبو داود (1469)، واللفظ له، وأحمد (1476)، والدارمي (1490).

[8] تابعي ثقة من رواة هذا الحديث.

[9] أبو داود: كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، (1471)، ووصححه الألباني، انظر: صحيح سنن أبي داود، 5/212 (1322).

[10] أبو يعلى: حديث أبي موسى الأشعري (7279)، والحاكم (5966)، وقال: حديث صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، وحسنه ابن حجر، انظر: نتائج الأفكار 3/212، وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى، وفيه خالد بن نافع الأشعري وهو ضعيف. انظر: مجمع الزوائد 7/171، وقال في موضع آخر: رواه الطبراني، ورجاله على شرط الصحيح غير خالد بن نافع الأشعري، ووثقه ابن حبان وضعفه جماعة. مجمع الزوائد 9/359، 360.

[11] البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن، (4761)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، (793).

[12] ابن ماجه: كتاب إقامة الصلوات، بابٌ في حسن الصوت بالقرآن، (1338)، والحاكم (5001)، وقال: صحيح على شرطين الشيخين. ووافقه الذهبي، وحسنه ابن حجر، انظر: نتائج الأفكار 3/225، وصححه الألباني؛ انظر: صحيح ابن ماجه، 1/398.

[13] الترمذي: كتاب الصلاة، باب ما جاء في قراءة الليل، (449)، وقال: حديث حسن صحيح. وأبو داود (1437)، والنسائي (1373)، وابن ماجه (1354)، وأحمد (24497)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط مسلم. وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن أبي داود، 5/181، (1291).

[14] الترمذي: كتاب الصلاة، باب ما جاء في القراءة بالليل، (447)، واللفظ له، وأبو داود (1329)، وابن حبان (733)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح رجاله ثقات. والحاكم (1168)، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم. وصححه الألباني، انظر: صحيح أبي داود 5/74 (1200).

[15] الترمذي: كتاب فضائل القرآن (2914)، وقال: حديث حسن صحيح. وأبو داود (1464)، والنسائي (8056)، وأحمد (6799)، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح لغيره. وصححه الألباني، انظر: صحيح أبي داود 5/205.

◄◄ هذا المقال من كتاب كيف تخشع في صلاتك للدكتور راغب السرجاني

العزيز المفقود - الموقع الرسمي
Logo