د. فهد بن مبارك الوهبي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد..
فقد سبق أن كتبت عدة تغريدات في وسم (#نحو_تدبر_صحيح) وكان ذلك لإيضاح موضوع التدبر من جهة، وصيانة لكتاب الله من الخوض فيه من غير المؤهلين لذلك، واليوم أعيد نشرها بعد تجميعها هنا، حيث يظهر والله أعلم الحاجة الماسة لإعادة التنبيه على خطر القول في كتاب الله بلا علم، وهو ما يحدث لمن يريد الاستنباط من القرآن الكريم من غير المؤهلين، باسم الاستنباط تارة، وباسم التدبر تارة أخرى، وإليكم التغريدات بعد جمعها في مكان واحد:
1 – لا شك أن القول في القرآن الكريم خطير، وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم).
2 – والقول في القرآن يشمل: التفسير، والاستنباط، ونتاج التدبر، فبيان معنى الآية، أو ما يستخرج منها، بغير علم، داخل في النهي.
3 – ويجب بين أن نفرق بين ما يقع من تأثير للقرآن في النفس، وبين ما ينتج عن ذلك التأثير من تأملات قرآنية، وفوائد، ولطائف.
4 – فتأثير القرآن في نفس السامع أو القارئ، وماينتج عنه من دمع العين أو هداية القلب، والارتقاء في مدارج الإيمان؛ هو التدبر الصحيح.
5 – أما ما يظهر للقارئ أو السامع، بعد تأمل القرآن، من تأملات وفوائد وأحكام، فهي نتيجة التدبر، وقد تكون صحيحة وقد تكون غير صحيحة.
6 – ولا يجوز للقارئ أن يستخرج تلك الفوائد من القرآن إلا في حالين:
الأولى: أن يكون مؤهلاً لذلك.
الثانية: أن يكون في حال التعلم.
7 – ولا يعني ذلك أن نحجر واسعاً، فنقول: إن التدبر محصور على فئة قليلة دون المسلمين، بل يجب التفريق بين:
أ ـ الأثر النفسي ب ـ والأثر العلمي.
8 – فالأثر النفسي، الذي يتركه القرآنُ في النفوس، لا يمكن القول بأنه خاص بفئة، بل هو عام، واقع للمسلمين والكافرين، بشرط الفهم.
9 – لذلك وجّه اللهُ التدبر لجميع البشر مسلمهم وكافرهم، ولم يحصره في المسلمين، فقال: (أفلم يدبروا القول) (أفلا يتدبرون القرآن).
10 – وكان المخاطب بهذه الآيات كُفار قريش، وأمروا بتدبر القرآن، فدل ذلك على وجوب التدبر على الأمتين: أمة الدعوة، وأمة الاستجابة.
11 – وأما ما يكون بعد ذلك من استخراج الفوائد والأحكام وما يدخل في باب الاستنباط وهو (الأثر العلمي) فلا يكون لغير أولي العلم.
قال تعالى: “وإذاجاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوابه ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم“.
12 – فجعل الأمر بالتدبر عاماً لجميع الناس:مسلمهم وكافرهم، وجعل الاستنباط خاصاً بأولي العلم دون غيرهم.
13 – وقد تدبر بعض المشركين كلام الله، فأسلموا أو قاربوا، قال جبير بن مطعم قبل أن يسلم بعد سماعه سورة الطور:(كاد قلبي أن يطير).
14 – والأثر النفسي نوعان:
النوع الأول: أثر ناتج عن فهم المعاني، كالخوف عند آية العذاب، والرغبة عند آية النعيم، وهو واقع لكل من فهم.
والنوع الثاني: أثر ناتج عن جرس القرآن، وهو واقع للسامع، يتلذذ بجمال القرآن وحسنه، وقد يقع لغير العالم بلغة العرب.
15 – وهذان النوعان لا يشترط فيهما أن يكون المتدبر أو المتأثر، عالماً، فالعامي يتأثر عند تلاوة القرآن ويبكي ويرغب ويرهب.
16 – أما استخراج الفوائد والأحكام بعد ذلك، فهو ما يجب الحذر معه، وهو ما يُقصد عند التحذير من الخوض في التفسير بالرأي بلا علم.
17 – والخلاصة:
أ ـ أن كل مسلم؛ مأمور بتأمل القرآن وهو (التدبر)، ونتيجة ذلك التدبر زيادة الإيمان، ولم يؤمر كل مسلم بالاستنباط.
ب ـ أن التوسع في استخراج الفوائد بلا علم؛ أمر خطير، بحاجة إلى تنبيه، وإرشاد بأن يكون من قبل المؤهلين أو في باب التعليم.
18 – وختاماً هذه سلسلة لقاءات صوتية بعنوان:
“كيف نتدبر القرآن”: الحلقة الأولى: على الرابط: ( اضغــط هنــا ). الحلقة الثانية: على الرابط: ( اضغــط هنــا) . الحلقة الثالثة: على الرابط : (اضغـط هنــا).
أسأل الله تعالى أن ينفع بما كتب ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين…